امرؤ القيس
حياة امرئ القيس:
لقد شغلَ امرؤ القيس
الناس بشعرِهِ، وكتبَ شعرًا لكل مرحلة في حياتِهِ، فمنئذ أنْ طرده والدهُ و أجبره على الرحيل إلى حضرموت، بدأت
الحياة عندَه، فعاش لاهيًا، سكيرًا يشرب الخمر ويكتبُ الغزل وينتقل بين البلاد، ممتلئًا
بكلِّ أشكال المتعة واللهوِ ، إلى أن قٌتل والدهُ على يد بني أسد، فتغير مجرى
حياته ، من حياة اللهو والغزل والشراب، إلى حياة الثأر والموت، وهي حياةٌ أعطاها أمرؤ
القيس كلَّ طاقتهِ، حتى أنه قال عبارته المشهوره بعد مقتلِ والده : "اليوم خمرٌ
وغدًا أمر"، و أصبحت العبارة مضرباً
للمثل بعد ذلك، تقال عند انشغال الشخص بعمل شيء و انهماكه الشديد فيه، حتى وإن جاءه
أمر آخر أشد أهمية.
أي أن شاعرنا
العظيم عاش حياة متناقضة، عاش للحب وطالب بالثأر، وتغرَّب وقاتل، فلقدْ أصرَّعلى أن
يستنفر القبائل لنُصْرته ومساعدته ضدَّ بني أسد؛ ليثأر لدماء والدِهِ، وكانَ له ما
أراد، فقد نصرتْهُ قبائل العرب في حربِهِ ضدَّ بني أسد، لكنَّ حربَهُ هذه لم تكنْ كافيةً
لتروِّي عطشَه للثأر، فسافر في رحلة طويله الى ملكِ الروم قيصر، طالبًا العون والمدد،
فقام برحلة طويلة من الجزيرة إلى بلاد الشام، ثمَّ إلى تركيا فبيزنطة، مصطحبًا معه
في رحلتِهِ عمرو بن قميئة، الذي ذكرَهُ امرؤ القيس في قولِهِ:
بكى صاحبِي لمَّا رأى الدَّربَ دونَهُ
وأيقنَ أنّا لاحقانِ بقيصرا فقلـتُ لــهُ:
لاتـبكِ عـيـنُكَ إنَّـمـا
نحاولُ مُلكًا أوْ نموتَ فنُعْذرَا
أجمل ما كتب امرؤ القيس:
و من أجمل الأبيات التي قالها في الغزل:
أَفاطِمَ مَهلاً بَعضَ هَذا التَدَلُّلِ
وَإِن كُنتِ قَد أَزمَعتِ صَرمي فَأَجمِلي
أَغَرَّكِ مِنّي أَنَّ حُبَّكِ قاتِلي
وَأَنَّكِ مَهما تَأمُري القَلبَ يَفعَلِ
وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلّا لِتَضرِبي
بِسَهمَيكِ في أَعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ
و من أقواله :
لِمن طَلَلٌ أَبصَرتُهُ فَشَجاني
كَخَطِّ زَبورٍ في عَسيبِ يَمانِ
دِيارٌ لِهِندٍ وَالرَبابِ وَفَرتَني
لَيالِيَنا بِالنَعفِ مِن بَدَلانِ
لَيالِيَ يَدعوني الهَوى فَأُجيبَهُ
وَأَعيُنُ مَن أَهوى إِلَيَّ رَواني
كما أنه أنشد قاتل أبيه عبيد بن الأبرص الأسدي قائلا :
يا ذا المعيرنا بقتل أبيه إذلالاً وحينا
أزعمت أنك قد قتلت سراتنا كذباً ومينا
هلا على حجر بن أم قطام تبكي لا علينا
إنا إذا عض الثقاف برأس صعدتنا لوينا
بعض قصائد امرؤ القيس:
القائمة التالية لبعض اسماء قصائد امرؤ القيس :
- لمن طلل بين الجدية والجبل.
- أمن ذكر سلمى إذ نأتك تنوص .
- ألا عم صباحاً أيها الطلل البالي.
- لمن طلل ابصرته فشجاني.
- قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل.
وفاة امرئ القيس :
لم تكن حياة امرؤ القيس طويلة بمقياس عدد السنين حيث أنه لم يعش طويلاً ، ولكنها كانت طويلة جدا بمقياس تراكم الإحداث وكثرة تجاربه التي مر بها لكثرة تجواله وترحاله في الأرض ، حيث أنها فاقت عدد السنوات التي عاشها أضعافا.
لا يوجد كلامٌ مؤكد عن سبب وفاة امرئ القيس فهناك الكثير من الجدل إلا أنّ الأكثر ترجيحاً أنّه قد توفي بسبب مرض الجدري ، الذي تمكن منه وصرعه حيث أنه بعد أن قتل أبوه على يد بني أسد ، استمر يطاردهم حينا و يستنجد بالروم حينا ،ختى خاب سعيه و عاد شريدا طريدا ، و مات بعيدا عن دياره ،و دفن بالقرب من امرأة ماتت مثله غريبه في ذلك المكان، وكان قد خاطبها بقوله :
“أَجَارَتَنَا إِنَّ الخُطُوبَ تَنُوبُ
وَإِنِّي مُقِيمٌ مَاأَقَامَ عَسِيب
أَجَارَتَنَا إِنَّا غَرِيبَانِ هَاهُنَا
وَكُلُّ غَرِيبٍ لِلغَريبِ نَسِيب
فَإِنْ تَصِلِينَا فَالقَرَابَةُ بَيْنَنَا
وَإِنْ تَصْرَمِينَا فَالغَريبُ غَريب
أجَارَتَنَا مَافَاتَ لَيْسَ يَؤؤبُ
ومَاهُو آتٍ فِي الزَّمَانِ قَريب
ولَيْسَ غَريبًا مَنْ تَنَاءَتْ دِيَارُهُ
ولَكِنَّ مَنْ وَارَى التُّرَابَ غَريب”
عسيب هو اسم لجبل في أعالي نجد بالحجاز.
قيل أن قبر امرؤ القيس يقع على تلة (هيديرليك) في مدينة أنقرة عاصمة تركيا، واختلف المؤرخون في سنة وفاته حيث يرجح معظمهم بأنه قد توفي سنة خمسمائة وأربعين للميلاد.
فهذا هو امرؤ القيس الذي حاول ملكًا فلم يسطعْ عليهِ صبرًا، فماتَ وهو طامع بأنْ يُعذرَ في عيون الناس ، دُفنَ في أنقرة، قبل أن يثأر لأبيهِ من بني أسد، لكنَّهُ حاول فعُذِرَ، وعاش الحب والموت والحياة والظمأ، وأهدى أجيالًا بعدَهُ تراثًا أدبيًّا عظيمًا، عُدَّ من أعظم ما وردَنا من الأدب الجاهلي.
المراجع:
- شرح المعلقات العشر، للزوزني.
- الاعلام من الادباء و الشعراء، محمد رضا.
- بعض المقالات على الإنترنت.
Kommentare
Kommentar veröffentlichen