القائمة الرئيسية

الصفحات

عنترة بن شدّاد ، هل تزوج عنتر عبله

عنترة بن شدّاد



أحد أشهر شعراء و فرسان العرب في العصر الجاهلي هو عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قراد العبسي ،وُلد في منطقة نجد ، من أم  حبشية كريمه يُقال لها زبيبة ، وأباً كان سيّداً من سادات عبس.


عنترة بن شدّاد العبسي ، و حياته


و بما أن العرب في ذلك الوقت كانت لا تعترف بأبناء الإماء في النسب ،إلا إذا أظهر هؤلاء الأبناء تميّزاً في الشجاعة والبطولة والشاعريّة، صار عنترة عبداً؛ يرعى الإبل محتقراً في عين والده وأعمامه ، و استمر عنترة على حال يذوق فيه  مرارة الحرمان وشظف العيش ، ومهانة الدار ، فقد كان أبوه هو سيده، و كان  يعاقبه أشد العقاب على ما يقترفه من هنات. 


حياة عنترة بن شدّاد:


كان عنترة  مختلفاً عن بقية أقرانه في ضخامة خلقته وعبوس وجهه وتلفلف شعره وصلابة عظامه ، وشبه خلقته لأبيه شداد و رغم الحياة القاسية التي كان يعيشها عنترة إلا أنّه كان معروفاً بين العرب بأخلاقه العالية، كما كان يتصف بالحلم ،ولقد كان على قدرٍ عالٍ من نقاء النفس على الرغم من شدة بطشه في الحروب.


عنترة بن شدّاد العبسي ، و حياته


كان يكنى بأبي الفوارس فروسيته بالفلحاء، و كان يلقب بالفلحاء من الفلح أي شق في شفته السفلى ، وقد تعلّم عنترة الفروسية مبكراً حتى أصبح من أشهر فرسان العرب في ذلك الوقت، و في حرب داحس والغبراء قد أظهر عنترة  بفروسيته بجلاء حيث أنه أبلى فيها بلاءً حسناً.


تحرر عنترة من العبودية :


لم يلحقه أباه بنسبه إلا بعد مشاركته في الحرب ، و لذلك الحدث قصه إذ لم يكن نسب أباه له بالأمر الهين ، يروى أنه شارك في غزو طيء، لكنهم قللوا من شأنه و لم يأخذ حقه في الغنائم، بل فرضوا عليه أن يأخذ نصيب العبد من الغنائم وهو النصف فأبى، ومن ثم تقاعس عن الخوض في المعركة .


عنترة بن شدّاد العبسي ، و حياته



و ذات مرة غارت قبيلة طيء على عبس و لكن هذه المرة  في ثأر لها، وكان عنترة مع بني قومه في حومة النزال، لكنه اشترك مدافعاً لا مهاجماً، واشتد الخطب على بني عبس حتى كادت أن تُسلب خيراتها وتدور عليها الدوائر.

وحينئذ صاح أبوه قائلاً: "كُرّ يا عنترة !".،  فأجاب عنترة على النداء وقال : "العبد لا يُحسن الكرّ, إنما يُحسن الحِلاب والصرّ"، وفي تلك اللحظة لم يجد أبوه بدلاً من أن يمنحه اعتباره فصاح به: "كُرّ وأنت حر". فكرّ عنترة وراح يهاجم و يبطش وهو ينشد:


أنا الهجين عنترة   

كل امرئ يحمي حرَه

أســودَه وأحمــرَه  

 والشعرات المشعرة

الواردات مـــشفــــره


حتى هزم القوم واستنقذ الإبل ، ومنذ تلك اللحظة ، تحول خال عنترة ، فمن الحلاب والصر إلى الكر والفر ، ومن ذل العبودية إلى فضاء الحرية ، ومن النوم في معاطن الإبل إلى الجلوس في منازل الشرفاء والرؤساء، ومن منادمة الرعيان إلى مسامرة الأعيان.


 سمات شعر عنترة :


  وتميّزت أشعاره بالرقة والعذوبة ، كما أنه اشتهر بشعره الجميل وغزله العفيف ، استحوذت قصائده على أفكار عدّة كان أبرزها فكرة التعفف التي كانت واضحة في شعره، ففي الوقت الذي يعتقد المحارب أنّ الحروب هي لكسب الغنائم كان عنترة يتعالى عن هذه الغايات؛ لأنّه كان يشارك بها من أجل الحروب نفسها، وليس لأجل الغنائم.


عنترة بن شدّاد العبسي ، و حياته

عنترة  أحد أشهر شعراء العرب ، اشتهر بشعر الفروسية، فبعد مشاركته في حروب قومه وما أظهره في تلك الحروب من شجاعة وبطولة، كان لهذا الأمر بالغ الأثر في نفسه ويذكره دوماً في أشعاره.

تناول شعره العديد من الموضوعات مثل: الغزل والنسيب، والوصف إذ وصف الأطلال والديار كغيره من الشعراء الجاهليين، ووصف الناقة والفرس، كما أن له معلقة مشهورة، وهي أجود شعره، وكانت العرب تسمّيها "المذهّبة"، و مطلع أبياتها :


هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُـتَـرَدَّمِ

 أم هَلْ عَـرَفْتَ الدَّارَ بعـدَ تَوَهُّـمِ

 يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَـواءِ تَكَـلَّمِـي

 وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

 حُيِّيْتَ مِــنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْــدُهُ

 أَقْــوى وأَقْـفَـــرَ بَعـدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ


عناوين لبعض قصائد عنترة:


  •  رمتِ الفؤادَ مليحةٌ عذراءُ .
  • ا تذكري مهري وما أطعمتهُ .
  • صحا مِنْ بعد سكرته فؤادي.
  • هدُّيكم خيرٌ أباً من أبيكم.
  • و غَداةَ صبحْنَ الجِفارَ عوابساً.
  • سكتُّ فَغَرّ أعْدَائي السُّكوتُ.

عنترة وعبلة :


أكثر ما عُرف به عنترة حتى يومنا هذا هو حبه الشديد لعبلة ابنة عمه، و صار اسمه مرتبطا بإسمها على مر التاريخ ، فلا يذكر أسم أحدهما إلا و ذكر الآخر ، كانت عبلة أجمل من القمر ، ومن أشهر نساء قومها صيتاً في الكمال والصبا، وقد تقدّم عنتر لخطبة ابنة عمه عبلة،  إلا أنّ والدها رفض أن يزوّج ابنته من رجل أسود.


عنترة بن شدّاد العبسي ، و حياته


 و ماطله والد عبلة أكثر من مرة ، ثم وطلب منه طلباً يعجز عن إتمامه ، وهو ألف ناقة من نوق النعمان المعروفة بالعصافير ، كمهر لابنته، فما كان من عنترة إلا أن خرج طلباً لتحقيق هذا المطلب ، وقد لاقى أهوالاً كثيرة للوصول إليه حتى أنه وقع في الأسر ، ولكن في النهاية حقق غايته و عاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة، فما كان من والد عبلة إلا أنّ ماطله مرة اخرى.

 و لقد اختلفت النهاية  في المصادر القديمة، ان كان عنترة قد تزوج عبلة أم لا ، فمنهم من يرى أنّه تزوج عبلة، ومنهم من يرى أنّه بقي مولعاً بحبها ولم يتزوجها وإنما  تزوجت من أحد سادات قومها.

                                                    

وفاته:


تختلف الروايات حول موت عنترة ، و لكن هنالك إجماع على أنّ عنترة مات وهو كبير في السن، وهذا الكبر أصابه بالضعف والعجز مما جعله فريسة سهلة أمام أعدائه، حيث ان انتهت حياة عنترة بعد أن بلغ من العمر 90 عاماً تقريباً .


عنترة بن شدّاد العبسي ، و حياته


الرواية المتداولة والمرجّحة في موته  أن من قتله يسمى زر بن جابر النبهاني وهو رجل كبير في السن يكنّى بأبي سلمى؛ يقال أنه رماه حتى قطع مطاه، فتحامل عنترة بالرمية حتى وصل أهله وقال فيه  :


وإن ابَن سلمى عنده فاعلموا دمي  

 وهيهات لا يُرجى ابن سلمى ولا دمي   

رماني ولم يدهش بأزرق له َذمٍ   

عشية حلوا بين نعق و مخَرم 


وقد كان عنترة يدرك مثل هذه النهاية ، فهو القائل في معلقته الشهيرة: ليس الكريم على القنا.بمحرم ، لم يجد التاريخ العربي مثيلا لعنترة ، حيث أنه يعد مضرب الأمثال لدى العرب، فقد تشكلت صورته البطولية من خلال شجاعته الفريدة ، وازدادت شعبيته لدى الناس إعجابا به وبشعره العذب وتضامنا معه لما عاناه من تمييز وتهميش بسبب نسبه ولونه، إضافة إلى قصته مع عبلة ومعاناته في حبها وحرمانه منها.


المراجع:


عنترة بن شدّاد العبسي ، و حياته

  • عنترة بن شداد: حياته وشعره، محمد الصباح.
  • غزل عند الشعراء السود- عنترة بن شداد أنموذجاً، سكينة حفير و بن محاد فيروز .
  • دراسة فنية لشعر عنترة بن شداد ، حافظ بادشاه 
  • الأعلام ، خير الدين الزركلي.
  • بعض المواقع على الإنترنت.





هل اعجبك الموضوع :

تعليقات