رحم الله الفارس، رحم الله أحمد شقير
يا ولدي..
الرّحلةُ تبدأ من هُنا،
وأشار إلى ((قلبه))!
رحم الله الفارس،
رحم الله أحمد شقير..
أخبرني!
أيا ليل،
كم قلباً أطال المكوث عندك يتقلّبُ يَنشُد الأمان..
وكم عيناً باتت تتأمل ما فيك وترقب سماءك تبغي السلام..
أخبرني!
عن دموع المُريدين
وبوح المُشتاقين
وصمت المُتعبين
أخبرني!
عن نسائم سَّحَرٍ تؤنس العُبّاد
وسهامُ حبٍّ تُطلق من شفاه الداعين..
ومناجاة العابدين:
إنّي أتيتك يا الله..
أحمل قلبي على راحتي،وأُسابق أنفاسي حبّاً وشوقاً..
أتيتكَ وقد ضاقت عليّ نفسي، ولكنّ رحمتك أوسع لي..
أتيتك..
ملبّياً نداءك إلى عبادك " ففرّوا"، ففررت إليك بفؤادِ مُحبٍّ يُريد لشوقه أن يسكُن ولعينِه أن تقرّ..
دُلّني!
وأنا أسيرُ في ظلمات الدنيا، أبغي قربك وفسحة الجنان..
أرشدني، واملأ قلبي من نورك لأكون من الآمنين.
دلّني!
وقد أتيتك مدركاً أن لا ملجأ منك إلا إليك..
⭐⭐⭐⭐⭐⭐⭐⭐⭐⭐⭐⭐
يا ولدي..
الرحلة تبدأ من هنا "وأشار إلى قلبه"!
لذا..
حُقّ علينا أن نعود للبدايات، إن تعثرت الخطوات، إن تزاحمت الزلّات،أو تعالت الآهات..
حُقَّ علينا يا ولدي، أن نملك من الشّجاعة ما يجعلنا نُقبل على أبواب قلوبنا المؤصدة،كي نصبّ عليها دموعَ التّوبة صبّاً، ونرسلَ الاستغفار تلوَ الاستغفار تتراً، حتى ينزّل الله السماء على قلوبنا مدراراً، لعلها تلين، ولعل أبوابها تُفتح بعد أن أغلقت، وتعود الحياة لها من جديد..
يا ولدي..
لعلّك ترأف بقلبك، قلبك المسكين الذي تعرّضه كل مرّة لسهامِ ذنوبٍ قاتلة؛ تصيبُ موضع الحياة منه، بعد أن تهالك سياج الطاعات - الذي يحميه- بالتقصير والتسويف..
يا ولدي..
لا بدّ من سياجٍ جديد، أشدّ متانة وأكثر صلابة، سياجاً يحمي القلب ويحفظه من المفسدات والمهلكات؛ يُبنى بتوبةٍ تلفِظُ كلّ ما في القلب من آثامٍ هدّامة وآثارٍ سابقة ومعاولَ تزيدُ الرّدم والهدم.
وبدموعِ سَحَرٍ تقوّي أساسه، وتزيد صلابته..
يا ولدي..
ابدأ بما فرض الله عليك..
أحسن بالفرائض وأقمها على الوجه الذي يرضاه الله منك..
ثم زد على ذلك بنوافلٍ تُقرِّبك زلفى..
فإنه (وَمَا تقرَّبَ إِلَيَ عبْدِي بِشْيءٍ أَحبَّ إِلَيَ مِمَّا افْتَرَضْت عليْهِ: وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِلى بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه..
فَإِذا أَحبَبْتُه..
كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا)
إنّه إن أحبَّك.. فلن يُعمل جوارحك إلا بِما يُرضيه، ولن تسيرَ طريقاً إلا والتقوى هي دليلك في كل خطوة، فيجزي حينها خطوتك ذراعاً، ويجزي بالذّراعِ باعاً، فترى بشائرَ غيمٍ تقطُر وهَباتِ عطاءٍ تهطِل، وترى معاني اسم الله (الوليّ) تغشاك، وترعاك، وتزيدك قُرباً وقُرباً......
إنّك يا ولدي كلما ملأت وقتك وفكرك وقولك وفعلك بالله ولله، كان الجزاء أن ترى آثار اسم الله (المهيمن) في حياتك.. في سعيك في سيرك، في نومك وفي صحوتك، في تعبك وفي صحّتك.. وفي كلّ ما تملك..
يا ولدي..
خذها مني..
ضع يدك على قلبك بعد كلّ صلاةٍ وقل:
يا رب.. احفظ قلبي بما تحفظ به قلوب عبادك الصالحين، احفظ قلبي من فتن الدنيا، ومن ذنوبٍ تقتُل ما فيه من حياة، ومن شُبهاتٍ وشهواتٍ تشتّت نبضاته بين الطرق..
يا رب.. اصنع قلبي كما صنعت قلوب عظماءٍ مروا.. ساروا إليك وقد اصطنعتهم على عينك، فما غرّتهم الدنيا وما فيها، وما تعاظمت في قلوبهم زينتها وشهواتها، وما رأوا أشواك الطريق سوى امتحانات صدقٍ تقوّيهم على المضاء..
يا رب..
وإنّي دون عونك هالك، وإنّي دون توفيقك قاعد، وإنّي يا رب أطمعُ بأنْ ترزقني معاني الإحسان، فأراك في كل خطواتي؛ خوفاً وطمعاً يعظُمهما حبٌّ كبير.
وإني يا رب أطمع بأن تكرمني بالعبودية التامة لك، والاستسلام بين يديك، لأسير إليك بقلبٍ خفيفٍ من الدنيا، ثقيلٍ بمعاني الآخرة..
يا رب..
ارزقني طمأنينة العارف بك، وشوقَ المشتاق للقائك المتنّعمِ بحبّك.
في كل منا فارس
تعليقات
إرسال تعليق