" و قاطعاً صِلَتي من غَير ما سبب،
تالله إنك عن رُوحي لمَسؤؤلُ ".
عزيزي أحمد :
أُكتب لي عند الواحدة و النِصف ليلاً حين يُداهمك الأرق،
او في العَاشرة صباحاً حين يزورك المَلل.
أكتِب لي و أخَبرني عن تَفاصيل يومك،
عن روتين عَملك ، أو حتى عن إنطباعاتك التي لا تُخبر بها أحد مخافة الخوض في الجِدَال ، فأنا أعلم أنه لا طَاقة لك للجِدال هذه الفترة.
أكتب لي عن رأيك حول آخر مَقال قرأته لكاتبكَ المُفضل.
حَدثني عن آخر كتاب قَرأته ،
عن الأفكار التي تَقفز داخل رأسك وأنت تُمارس رياضة المشي لمسافات طَويلة.
خُصَني بالحديث عن مخاوفك التي أحَجمت بالحديث عنها لأي شخص آخر ، قل لي أشياء تُحبها فنتشاركها سَوياً.
او حَدثني عن الأشياء التي تكرهها فأشاركُكَ البغض عليها.
أخبرني عن أي شيء عَابر و غير مهم.
عن الوَردة التي ذَبلت في درج مكتبك ،
عن آخر كيس " لِب" ظفرت به من الكُشك القريب من منزلك،
عن خطتك في إنشاء مكتبة لإستعارة الكُتب .
عن رغبتك في التخلص من عادة سيئة .
إجعلني مصدر إستثناء يا أحمد،
مَيِزني عن العَامة، فأنا التي تطمئن للحديث معها،
أنا تلك التي تقضي معاها الساعات الطِوال في الحديث و أنت تُخبرها عن نهارك الذي تقضيه كادحاً و بالحديث معاها ينجلي عنك الضَنى و يٌباغتك النوم على حين غفلة منك.
اتعلم شيء ما ...تباً لتلك المسافات الجغرافية التي بيننا .
او تعلم شيء آخر ....
تكمن المُصيبة ياعزيزي و تتمحور حول قسوتنا على أنفسنا.
في دواخلنا جميعاً نِزاعات ، العالم قاسي ، نَلقى فيه الجَفاء من هنا و هناك .
من حق نفسك عليك أن تجعلها بجانب من تستريح في الحديث معه،
من يٌطمئنها و يٌخبرها أن لا شيء يستحق ،
وأن جَيش الظُروف الذي يُحاصرها لن يستمر حِصاره طويلاً،
من حق نفسك عليك أن تجعلها بجانب من تروي له عن مخاوفك فينفث في روحك الأمان ،
من تُحدثه عن إحِتياجك و تَظل في نَظره عزيزاً، من تكون معه مضمون و قيمتك مُصانة .
هنالك يا أحمد أشخاص لا توجعنا هزائمنا أمامهم،
قال أبن الجوزية– رحمه الله -
"المٌغتم إن لم يتروح بالشكوى ، قتله الكَمد".
إن الحياة قصيرة يا أحمد ، ولأبد من إقتسامها بين ما يَجب و ما تُحب.
هل تشعر برغبة في البكاء! ، إذن شاركني بُكائك الذي تكتمه.
قرأت مرة أن الدموع مخلوقات فضائية ، كلما حَدث شيء مُؤلم خرجت لتشاهد .
ليس هناك مُبرر لهذه الوِحدة التي قررت أنت أن تجعلها مقبرة لأحزانك، إن الإنسان يحتاج إلى إنسان آخر ، القُرب مريح يا أحمد، و أقصد به القُرب الذي لا يؤذينا زواله.
" أنت الذي كادت الأيام تكسره ،
لكن صَبره على الأيام غَلاب "
و في الختام إليك مني هذا الإقتباس :
" المساحة التي نعيش فيها يجب أن تكون للشخص الذي أصبحنا عليه الآن ، و ليس الشخص الذي كُنا عليه في الماضي".
المنتظرة لك دائماً :
شَمس.
تعليقات
إرسال تعليق