حكاوي بالعامية
أسماء شميس
لحد دلوقت فكرت انتحر مرتين، فكرت في طرق كتيرة، كل مرة عقلي بيخترع طريقة وببقى خلاص مش باقي غير التنفيذ بلاقي نفسي ببكي بحرقة وأنا بقول يارب احميني من نفسي، أصعب اللحظات اللي بتمر على الإنسان لما يحس إنه وجوده في الحياة ملهوش سبب يعيش عشان مين؟ أو بالأصح يعيش ازاي بعد ما أكتر إنسان حبيته بيكون سبب في كسرك!
حكايتي تبان شبه حكايات كتير مكملتش انتهت من قبل حتى ما تبدأ، كانت في التمهيدي بس التمهيدي ده اخد من عمري ٣ سنين اخد مني روحي وأحلامي وقلبي وداس عليهم بأكبر قوة ممكنة عشان أفهم إن اللي زيي مش من حقها تعيش، مش من حقها تحب، ولا تتحب!
كبرت وأنا بحبه، الطفلة الصغيرة كبرت ودخلت الثانوي وهي بتتابع أخباره بتسمع عنه كل كلمة وتركز أوي عشان تعرف إيه الجديد في حياته، الطفلة بتكبر وبتقرر تبقى شجاعة وتصارحه، كنت خايفة حاولت كتير اكلمه أقول له إني بحبه كان لساني بينعقد وبرجع تاني لنقطة الصفر، في يوم كنا معزومين على فرح أخته، وشوفته كان شكله حلو أوي وهو لابس البدلة كان في منتهى الشياكة تخيلت إننا في حفلة خطوبتنا، كان فيه موسيقى شغالة في القاعة ودخان كتير تقريبًا كان نظام القاعة كده، اتخنقت من الدخان وخرجت اشم هوا برا، لاقيته واقف بيضحك مع أصحابه أول ما شافني اتحرك ناحيتي..
- رنا ازيك عاملة ايه؟
- الحمدللّٰه كويسة، وحضرتك!
- أنا كويس الحمدللّٰه، عقبالك يا رنا ♡
- شكرًا..
- هو نبيل أخوكِ فين بكلمه بيكنسل عليَّ ؟
- هو وصلني هنا أنا وماما وراح يجيب خطيبته من البيت
- يبقى قرب يوصل، طيب إنتِ طالعة ليه من جوا عايزة حاجة؟
- لأ شكرًا، أنا بس اتخنقت من الجو هناك خرجت اشم شوية هوا
- طيب ابقي ادخلي متوقفيش لوحدك.
- حاضر.
- اها على فكرة نبيل قال لي إنك نجحتي في الكلية ورايحة سنة تانية صح؟ مبروك عقبال التخرج يا رب ♡
- شكرًا
- أنا هدخل جوا بقى لحسن يكونوا عايزين حاجة، ادخلي على طول ماشي؟
- حاضر..
..
كنت واقفة مش قادرة اتحرك، لما بتكون بتحب حد بتكون متخيل إن كل حركة وفعل وكل كلمة بيقولها عشان هو مهتم بيك، مبتبقاش فاهم إنه بيعملها من منطلق طبيعة موجودة في شخصيته وإنه بيتصرف عادي كده مع كل الناس، كنت ساذجة وفرحانة إنه كلمني وبارك لي على نجاحي، كنت طايرة من الفرحة وهو واقف بيكلمني، بعدها بشوية دخلت، لاقيته واقف جنب أخته وعريسها ومعاهم بنت أول مرة أشوفها وقفت فضلت مركزة كل حاجة حصلت في ثواني، لاقيته بيعلن خطوبته على بنت خالته، عشان تبقى الفرحة فرحتين، محسيتش غير ودموعي بتلسعني وهي نازلة من عنيا لفيت لماما وقولت لها عايزة أمشي أنا مصدعة.
كلمت نبيل وأخد خطيبته ومشينا كلنا، واحنا في الطريق لاقيت ايهاب بيتصل بأخويا بيسأله إنتوا روحتوا فين؟ قال له مشينا عشان رنا تعبت شوية، أنا فعلًا كنت تعبانة، روحي كانت بتنسحب مني براحة ومش قادرة اتكلم وأقول لحد يلحقني، وصلنا البيت دخلت أوضتي وقفلت عليَّ الباب كانت ليلة من أصعب الليالي اللي عيشتها، وبدأت المعاناة وكل ما بسمع اسمه في البيت قلبي يدق جامد ودموعي تخوني، كنت الأول بروح جري أفتح له الباب عشان أشوفه وأسلم عليه، مبقيتش أهتم افتح الباب لحد، صوت ضحكته وهو قاعد مع أخويا في الفرندا وأنا سمعاهم كنت بنغز قلبي كل ما اتخيل إني عمري ما هكون جنبه ويضحك لي كده.
فات أسبوعين على أخر مرة شوفته فيها يوم فرح أخته كنت استويت ومعرفش لو كنت شوفته إيه هيكون رد فعلي، لحد ما في يوم كنت راجعة من الكلية وهو نازل من عندنا وقابلته على سلم العمارة، كنت حاسة إن قلبي هيخرج من مكانه، أول ما شافني ابتسم لي..
- ازيك يا رنا عاملة إيه؟
- الحمدللّٰه، بعد اذنك
- رنا استني، فيه حاجة؟ إنتِ كويسة؟ شكلك تعبان
- حاجة متخصكش
- بقول لك استني هنا، إنتِ بتكلميني كده ليه؟
- أومال أكلم حضرتك ازاي؟ وبعدين مفيش كلام بينا أصلًا، بعد اذنك
- يبقى تستني بقى اطلع فوق عندكم، واسألك تاني قدام أخوكِ ومامتك يمكن تتكلمي! أنا مش فاهم أنا عملت لك إيه عشان تبصي لي بالطريقة دي كأني قتلت لك قتيل! فيه إيه يا رنا؟
- لو سمحت أنا راجعة من الكلية ودماغي بتوجعني ومعنديش طاقة للكلام الفاضي ده عند خطيبتك روح كلمها
- إنتِ ازاي بتكلميني كده؟
- أنا مكلمتكش إنتَ اللي مُصر تفتح حوار معايا وأنا مش عايزة اكلمك.
- على إيه كل الهبل ده اتفضلي يا استاذة رنا اطلعي، فعلًا فيه ناس كده تكبر وتبقى هبلة وتفضل لسه دماغها وعقلها صغير
- فعلًا اللي تحب شخص زيك تبقى هبلة ودماغها وعقلها صغيرين
- استني هنا قصدك ايه؟ رنا يا رنا!!
- حمدللَّه على سلامتك، عرفت من نبيل إنك كنتِ تعبانة، بقيتِ أحسن النهاردة؟
- الحمدللَّه
- ممكن اتكلم معاكِ ؟
- عن إيه؟ مفيش حاجة نتكلم فيها!
- طيب ممكن تسمعيني أنا جاي النهاردة مخصوص عشان اكلمك، ممكن اسألك سؤال؟
..
- هو الكلام اللي إنتِ قولتيه ده كنتِ تقصدي بيه نفسك؟
..
- افهم من سكوتك ده إنه ايوه؟
- أنا عندي محاضرة
- رنا إنتِ أختي الصغيرة، أنا معنديش أي مشاعر ناحيتك غير إنك زي سارة اختي بس، أنا بحب سحر خطيبتي، أنا مش عايز أكون سبب في تعبك إنتِ غالية عندي زي اختي مينفعش تتعاملي معايا وكأني مذنب، أنا أسف واللّٰه إنتِ غالية عندي جدًا ومكنتش أقصد ازعلك أو أكون سبب في حزنك.
- لو سمحت أمشي، أنا عندي محاضرات.
- طيب همشي، ممكن متزعليش مني.
- بعد اذنك كفاية كده، أنا وقفت اسمع لك عشان بتقول جاي مخصوص، بس كلامك ده ملهوش أي لازمة أنا مطلبتش منك حاجة ولا اعتذار ولا تبرير ولا أي حاجة، ولا طلبت تكلمني ولا متكلمنيش ولا حتى تتعامل أو متتعاملش مش هيفرق معايا.
- اسلوبك وكلامك ده أكبر دليل على إنك زعلانة وبتكذبي.
- إنتَ مصدق ده ومقتنع بيه براحتك، بعد اذنك.
**
كنت ماشية وأنا مش شايفة قدامي من الدموع، حاولت احضر المحاضرة عشان اركز معرفتش، رجعت البيت حاولت أنام كل حاجة كانت مؤلمة حتى النفس اللي بتنفسه كان بيتعبني، كانت أيام صعبة وتقيلة، كل يوم كنت بتأقلم وبحاول أنسى بحاول اتخطى كل حاجة بتحصل، كل اللي بعمله إني كنت بحاول أعيش، بحاول أكمل حياتي، فات ست شهور، لحد ما عرفت إنه فسخ خطوبته، أو هي اللي سابته معرفتش تستحمل عصبيته وغيرته عليها، كنت بسمع الكلام اللي نبيل أخويا كان بيحكيه لماما عنها، كانت مطلعة عينه ومع ذلك كان بيحبها ومستحمل منها كل تصرفاتها، لحد ما عرفت إنه تعب هو كمان وجات له حُمى !.
معرفش ليه مفرحتش عكس ما كنت متخيلة، قلبي وجعني عليه، يومها بليل لاقيت نبيل جاي وبيقول لي وهو بيضحك شوفتي إيهاب صاحبي الأهبل تعبان وحالته بالبلا وبيقول لي سلم لي على رنا وقول لها إنه جرب نفس الألم والحُمى اللي إنتِ جربتيهم، قلبي وجعني أكتر، كان نفسي أشوفه واطمن عليه،وأقول له إني مش شمتانة فيه، دخلت في امتحانات وأنا بالي مشغول وعقلي وتفكيري كله عنده وحاسة بكم الألم اللي هو حاسس بيه بس مكنتش قادرة أخفف عنه.
بعدها بأسبوع في أخر يوم الامتحانات راجعة البيت قابلته قدام باب العمارة مكنتش مصدقة شكله كان خاسس ومتغير خالص كنت حاسة إنه حد تاني، أول ما شافني ابتسم لي وكأنه بيقول لي أيوه أنا.
- الحمدللَّه، إنتَ كويس؟
- الحمدللَّه.
- طالع لنبيل اخويا؟
- لأ مستنيه هو هينزل.
- طيب، بعد اذنك
- رنا.. أنا جربت نفسك احساسك وشربت من نفس الكأس، مش عارف هتفرحي ولا لأ بس ياريت متكونيش لسه زعلانة.
- على فكرة أنا مش شمتانة، إنتَ مأذتنيش، أنا حاسة بيك، ربنا يصبرك.
- يااااه اد إيه كنت محتاج الدعوة دي، شكرًا يا رنا
- العفو، بعد اذنك
**
معرفش ليه حسيت بأمل حسيت إن ممكن حاجة تتغير، مكنش فيه أي سبب يخليني احس بكده، ومع ذلك حسيت إن ممكن حاجة تحصل، بعدها بشهر كنت في الكلية ومروحة أنا وأصحابي وقررنا نروح نتغدى في أي مطعم، أول ما دخلنا المطعم شوفته كان قاعد لوحده وكان شكله حزين وموجوع، أول ما شيماء صاحبتي شافته عرفته عشان أنا كنت بحكي لها كل حاجة عنه ولاقيتها بتبص لي وبتكلمني براحة....
- رنا مش ده إيهاب صاحب نبيل أخوكِ ؟ هو بقى عامل كده بجد شكله زعلان أوي!
- متخيلة الخطوبة اتفسخت من شهرين ولسه عامل ازاي وحاول كتير يرجع لها ومستموت وهي رافضة ومش راضية حتى تكلمه
- عرفتي كل ده منين يا رنا إنتِ بتكلميه؟
- لا واللّٰه أنا بس سمعت نبيل وهو بيحكي لـ ماما وبيقول لها إنه صعبان عليه وإنه بيحبها أوي وهي متستاهلش يعمل كل ده في نفسه عشانها.
- فعلًا يا رنا محدش يستاهل نعمل في نفسنا كده عشانه، مهما كنا بنحبه، راحتنا احنا ونفسيتنا أهم.
- خلاص يا شيماء مش عايزة اتكلم.
- ايوه خليني اسكت عشان كلامي مش بيعجبك.
- خلينا ناكل ونمشي احسن قبل ما يشوفني مش عايزة اشوفه قلبي بيتقطع كل ما أشوف بالشكل ده.
- يومها بليل كنت قاعدة فاتحة الفيس شوية وبتصفحه عادي وهنام بعدها بشوية زي كل يوم، لاقيت إيهاب باعت لي رسالة، هو عندي في الأصدقاء من زمان بس ولا مرة كلمنا بعض..
- إنتِ موجودة ؟
- ايوه...!
- شوفتك النهاردة في المطعم مع أصحابك.
- أنا كمان شوفتك.
- كنت لوحدي.
- في إيدك متبقاش لوحدك، إنتَ اللي عايز تبقى لوحدك!
- ازاي؟!
- متبقاش لوحدك اخرج مع اصحابك خلاص المرحلة اللي تنتهي من حياتك عديها.
- صعب أعديها مش قادر، بحاول بس مش قادر.
- الدنيا دي غريبة أوي
- ليه؟
- عشان إنتِ بتقول لي أنا إنك مش قادر تنسى اللي بتحبها
- أنا أسف واللّٰه مقصدش أضايقك
- لأ مش مضايقة بالعكس أنا فرحانة إنك بتتكلم
- طيب سيبك مني، إنتِ عاملة ايه ؟
- أنا كويسة
- مبسوطة؟
- هو لازم أكون مبسوطة، عادي كفاية أكون عايشة
- إنتِ إنسانة كويسة وروحك جميلة♡
- شكرًا، وإنتَ كمان على فكرة
- أومال هي ليه مكنتش شيفاني كده؟
- عشان هي محبتكش.
- وإنتِ! إنتِ حبتيني؟
- معلش أنا هقفل عشان هصحى بدري عندي كلية، تصبح على خير.
- طيب، وإنتِ من اهله.
**
- رنا ممكن أطلب منك طلب
- اتفضل!
- أنا عايزك جنبي
- ازاي مش فاهمة؟
- أنا محتاجة لك، إنتِ بجد الإنسانة اللي أنا محتاج لها في حياتي♡
- برضو مش فاهمة!
- أنا عايز أنا وإنتِ نقرب من بعض الفترة دي ونتعرف على بعض، بصراحة أنا بفكر اكلم نبيل أخوكِ أخطبك منه.
- بتتكلم بجد؟
- ايوه، موافقة؟
- ايوه موافقة.
**
بعدها بقينا نتكلم كل يوم، نفسيتي اتحسنت كتير وهو كمان، حسيت الدنيا أخيرًا ضحكت لي، أخيرًا بقى من حقي أحب وأتحب وأفرح..
**
- إنتِ أكيد اتجننتي يا رنا!
- اتجننت ليه يا شيماء، أنا بحبه وهو بدأ يحبني إيه الجنان في كده؟
- حب إيه يا بنتي! إنتِ هبلة؟ دا واحد خطيبته سابته وهو كان بيموت فيها لحق في أربع شهور ينساها ويحبك إنتِ؟
- وليه ميحبنيش يعني! مستاهلش إني أتحب؟
- لا تستاهلي بس مش من ده، دا بيحاول ينساها بيكِ ومش هيعرف وإنتِ أكتر واحدة هتتجرحي وتتأذي، هتتبهدلي يا رنا وهيكسر قلبك صدقيني واللّٰه مش بيحبك ولا هيحبك لو كان بيحبك فعلًا كان هيطلبك من أخوكِ فعلًا، وأخوكِ صاحبه، إنتِ كمان مش متخيلة الكارثة الكبيرة بيكلمك من ورا أخوكِ واللّٰه كل اللي أقدر أقوله في الشخص ده إنه أناني وشخص مش محترم، يا رنا عشان خاطري اقطعي علاقتك بيه دا مريض واللّٰه ومش بيحبك.
- بس أنا بحبه وحتى لو هو فيه كل ده وفيه أكتر من كده أنا هقف جنبه وهخرجه من اللي هو فيه وأساعده واللّٰه هو إنسان كويس بس محتاج حد يشوف الحلو اللي جواه حد يقف جنبه ويساعده وينتشله من اللي هو فيه ده.
- وإنتِ بقى السوبر هيرو المنقذ اللي هتنقذيه من اللي هو فيه وهتنتشليه من الضياع، إنتِ مفكرة نفسك دكتورة نفسية ولا خلفتيه ونستيه؟ فوقي يا ماما مش هيديكِ فرصة أصلًا وقبل ما تعملي الهبل اللي بتقولي عليه ده هو اللي هيشدك لدايرته المريضة دي وهيستنزف طاقتك ومشاعرك إلحقي نفسك يا رنا لسه عندك فرصة.
- ليه كل المحاضرة دي يعني؟ ولا هو حرام مرة من نفسي أحب وأتحب، ولا إنتِ زعلانة إني أخيرًا اتحبيت من الإنسان اللي بحبه وإنتِ لوحدك وعايزاني أبقى زيك؟
- كده يا رنا بقى إنتِ شيفاني بعمل كده عشان غيرانة منك؟! ربنا يعلم أنا بعمل كده ليه واللّٰه عشانك إنتِ وعشان مصلحتك، عمومًا شكرًا يا ست رنا يارب بس تفوقي قبل فوات الآوان.
- لا ياستي متقلقيش على مصلحتي أنا عارفة مصلحتي كويس!
- اتمنى يا رنا، اتمنى.
**
من وقتها بطلت اتكلم أنا وشيماء بقيت لما أشوفها اسلم عليها واتجنبها ومبقيتش احتك بيها زي الأول بقت كل ما تشوفني تحاول تفتح الموضوع عشان تعرف أي حاجة، وأنا مكنتش بحب أكلمها عن حاجة.
على الجانب التاني كنت علاقتي أنا وإيهاب بقت حلوة جدًا وقطعنا فيها شوط كبير، وعرفنا حاجات كتير عن بعض واتأكدت فعلًا إنه إنسان كويس، كنت عارفة إن شيماء غلط وإنها مش فاهمة حاجة، كل حاجة كانت حلوة كل حاجة كانت ماشية زي ما أنا عايزة بالظبط، بقالنا سنة ونص أنا وإيهاب نعرف بعض وبنتكلم، بقيت متأكدة إنه بيحبني، كنت بجتهد جدًا في الكلية وكل اللي حواليَّ بقوا ملاحظين إني مبسوطة وفرحانة وفيَّ حاجة متغيرة.
كنت بتكلم مع إيهاب كالعادة فجأة لاقيته بيقول لي إنه بيحبني! مكنتش مستوعبة، في الأول سكتّ مكنتش عارفة أصدق، بعدها حسيت إني خلاص مش عايزة أي حاجة من الدنيا، علاقتنا أطورت وبقينا نتكلم في تفاصيل ارتباطنا وهنعمل الخطوبة فين وهنعزم مين ومش هنعزم مين، وقررنا نأجل الموضوع لحد ما أخلص امتحاناتي ونعمل الخطوبة بعدها♡
فات شهر ومكنتش بتكلم خالص أنا وإيهاب عشان امتحاناتي، وخلصت الامتحانات وخلاص كل حاجة كانت ماشية طبيعي، ومطمنة ومبسوطة ومش فاضل غير أسبوعين تلاتة وإيهاب هيجي يتقدم لي ويكلم نبيل، كنت في البيت بحضر الغدا مع ماما، سمعنا نبيل بيتكلم بصوت عالي وبيضحك، طلعنا على صوته، ماما بتسأله في إيه ما تفرحنا معاك يا نبيل؟
- مش هتصدقي يا ماما إيهاب المجنون رجع لبنت خالته تاني بقاله شهر وزيادة بيحاول معاها عشان يقنعها توافق وإنه اتغير ولسه بيحبها وهيعمل عشانها كل حاجة هي عايزاها وأخيرًا اقتنعت ووافقت، جدع واللّٰه اللي بيحب حد فعلًا مش بيسيبه.
رنا يا رناااا إلحق أختك وقعت من طولها يا نبيل شوف الدكتورة وفاء جارتنا يابني بسرعة ناديها، رنا بنتي اسم اللّٰه عليكِ يا حبيبتي فوقي يا قلب أمك رنا يا رنا
**
- اهدي ياطنط هي هتبقى كويسة إن شاء اللّٰه
- باللّٰه عليكِ متكذبيش عليَّ، واللّٰه هي كانت كويسة فجأة اغمى عليها ومش بتدي منطق
أنا أسفة يا طنط واللّٰه بس لازم افهمكم حالتها هي صادمة عصبية جامدة عليها ادت لشلل في العصب السابع وفقدان في النطق مؤقت، بس متخافيش مع العلاج والجلسات هتتحسن واللّٰه وأكيد محتاجة دعم نفسي لأن السبب الأساسي للي حصل لها ده هو الحزن الشديد، فَهي محتاجة لكم جنب منها جدًا.
أنا هتابع معاها مش عايزاكِ تقلقي، وهقول لكم على مكان كويس تعمل فيه جلسات بس مش دلوقت لما تبدأ بس تفوق كده وتوقف على رجلها، رنا بنوتة صغيرة وقوية وإن شاء اللّٰه هتقوم توقف تاني على رجلها♡
**
شهر.. شهرين.. ٣ شهور.. مين الناس اللي حواليَّ دول؟ أنا مين؟ أنا ليه لسه عايشة؟ ضهري اتكسر يارب، الوقعة كانت جامدة، جامدة أوي، هو أنا هقدر أقف تاني؟ يعني هقدر أكمل حياتي؟
جدي طلب من ماما إني أروح أعيش عنده شوية في المنصورة عشان أغير جو، حاولت في الفترة دي قبل ما أسافر إني أموت نفسي مرتين بس مكنتش بقدر، كنت ببكي وأنا بقول لنفسي هتخسري دنيتك وكمان اخرتك؟ طب أعيش ليه؟ أكمل ليه؟
سافرت عند جدو، جسديًا بدأت اتحسن، لكن نفسيًا وعقليًا وقلبيًا كنت متدمرة، كل حاجة كانت سودا، مكنش عندي طاقة إني أحاول أصلًا، كنت قاعدة في الأوضة وقافلة عليَّ، سمعت الباب بيخبط، قومت أفتح....
- صباح الخير على أحلى بنوتة في العالم، حبيبة جدو قاعدة لوحدها ليه؟ يلا تعالي عشان نفطر سوا، جدتك حضرت لك أحلى فطار، مش هحرقلك المفاجأة عشان هي محلفاني مقولش إنها محضرة لك احممم قومي بسرعة معايا لحسن هعترف بكل حاجة
- صباح الخير يا جدو، بجد مش هقدر أكل أي حاجة
- لا لا لا مش هينفع عيب أصلًا تقولي لأ لجدو يلا حصليني عشان هاخدك ونتمشى شوية في الأرض وهأكلك فول أخضر، إنتِ أول واحدة تأكلي من المحصول السنة دي
**
- اللّٰه يا جدو بجد المكان هنا حلو أوي ممكن نقعد هنا شوية؟
- اقعدي يا حبيبتي ولو عايزة تتمشي براحتك هنا، وأنا هقعد اقرأ في المصحف الوِرد بتاعي
- لأ خلاص مش هتمشىٰ أنا هقعد جنبك وأسمعك زي زمان لما كنت بتقعد تقرأ لي قرآن، صوتك وحشني أوي يا جدو♡
- إيه رأيك أنا اقرأ وإنتِ ترددي ورايا؟
- ماشي يا جدو اتفضل حضرتك اقرأ
**
- بس يا جدو أهدي براحة يا جدو عيطي لو العياط هيريح، مالك بس يا حبيبة جدو مين اللي زعلك، طب إيه اللي بيوجعك يا جدو؟
لاقيت نفسي لا أراديًا إيدي اتحركت وحطيتها على قلبي.. هنا يا جدو هنا، قلبي اتكسر وأنا مكنتش استاهل إني أتوجع بالشكل ده، ضهري اتكسر يا جدو ليه ربنا سابني يحصل فيَّ كل ده مش ربنا معانا ليه سابني أتوجع بالشكل ده؟
- لا يا حبيبة جدو استغفري لا يجوز الكلام ده، ربنا بيعلمنا ويأدبنا ويربينا ويجبرنا ويلطف بينا بس احنا اللي بنروح للأذى برجلينا، احنا عاملين زي العيل الصغير اللي عارف إن الكهربا بتموت ومع ذلك مُصر يروح يلعب عندها، أنا اللي فهمته من كلامك وكلام أمك من قبلك إنك كنتِ بتحبي حد والحد ده خطب بعد ما كان مفهمك إنه بيحبك صح؟
...
أنا مش هلومك عشان الحالة اللي إنتِ فيها، احنا كلنا بنغلط، وأنا في يوم من الأيام كنت شاب في سنك ومريت بكل المشاعر دي، وغلطت بس هل ده معناه إني أقول ليه ربنا عمل فيَّ كده؟ لأ معاذ اللّٰه، ربنا وضع لنا حدود لكل حاجة في الحياة وأُسس وأصول وقوانين لكل كبيرة وصغيرة في حياتنا.
احنا بقى طنشنا كل ده وروحنا نلعب جنب السلك العريان ولما نتعرض للأذى نرجع نقول ليه ربنا سابنا نتأذي بالشكل ده؟! ينفع؟ طب هقول لك على حاجة دلوقت أنا جبت لك بيت هدية، وقولت لك دا بيتك إنتِ لوحدك وملكك بس بشرط متدخليش فيه حد غير لما يكون كويس وتكوني واثقة فيه ومتأكدة وعارفة إنه كويس ولازم أنا أكون عارفه وموافق إنه يدخل البيت ده بشروطي، عشان ممكن الشخص ده يدخل يسرق كل اللي في البيت ويهرب، فإنتِ مسمعتيش الكلام، ودخلتي ناس مش كويسة بيتك وسرقوكِ فعلًا وخربوا البيت وحرقوه.
هل ينفع بعد كده تيجي تقولي لي إنتِ السبب يا جدو ليه سبتهم يسرقوا بيتي ويحرقوه؟ طب ما أنا من البداية أمرتك تحافظي عليه عشان عارف إن فيه ناس مش كويسة وهيعملوا كده وحذرتك، وللَّه المثل الأعلى رَزقك بقلبك وأمرك تحافظي عليه وتحفظيه للإنسان اللي يدخل بيتك من بابه ويطلبك من أهلك على سنة اللّٰه ورسوله.
- أنا عارفة إني غلطانة يا جدو وذنبي كبير، بس هو كمان كسرني، أقول لك على حاجة يا جدو أنا فكرت كتير في لحظة ضعف مني انتحر وأموت نفسي بس كنت برجع في اخر لحظة وأنا ببكي وأقول لأ مش هخسر دنيتي وكمان الآخرة.
- لا حول ولا قوة إلا باللّٰه، عشان إيمانك ضعيف يا حبيبة جدو، عارفة الدنيا دي كلها بكل الخير اللي فيها وكل المال والدهب والترف والسعادة والقصور والعربيات بكل حاجة حلوة فيها متساويش عند ربنا جناح بعوضة، إنتِ عارفة البعوضة دي حشرة حقيرة أصغر من الدبانة، كنت عايزة تموتي نفسك عشان حاجة أقل وأحقر من جناح البعوضة؟ حاجة تجنن العاقل صح؟ استغفري يا حبيبة جدو استغفري وتوبي، وهو حسابه عند ربنا عسير.
مستحيل ينفد من عقاب ربنا في الدنيا وفي الآخرة، ومتفكريش فيه ولا تسألي نفسك هو هيتعاقب ولا لأ، أنا عايزك تكوني متأكدة لأنه ظلمك، بس إنتِ كمان يا جدو ظلمتي نفسك وقللتي منها كتيييير بس ربنا بيغفر وبيتوب على من تاب وأناب، ارجعي لربنا يا جدو وتوبي وأنسي كل حاجة وابدأي من جديد♡
- مش قادرة يا جدو واللّٰه غصب عني، مش عارفة أنسى ولا عارفة استوعب أنا الكلية بتاعتي بدأت مش قادرة أروح مش عارفة أمارس حياتي زي أي حد طبيعي،
وهو مبسوط وعايش مرتاح مع اللي بيحبها وهيتجوزوا وأنا خسرت كل حاجة وخسرت نفسي
- لا يا جدو دا سوء ظن في اللّٰه، صحيح هو ظلمك وربنا مش بيسيب حقوق العباد ولا بيسامح فيها قولي حسبي اللّٰه، وأنسي وعيشي حياتك وابدأي من جديد وقولي الحمدللَّه إنه صرفه عنك، أحمدي ربنا على الفرصة الجديدة اللي ربنا منّ عليكِ بيها عشان تتوبي وتبدأي صفحة جديدة.
كل مصيبة وبلاء دون النار هي عافية ونعمة من ربنا يا حبيبة جدو، قربي من ربنا تقرب منك راحة البال ويملى قلبك رضا وسكينة يا حبيبتي، قادر يجبر قلبك ويعوضك خير، ماما قالت لي إنك مكنتيش بتصلي ولو صليتي مش بتنتظمي، لعل البلاء ده نعمة من ربنا عشان ترجعي وتبدأي صفحة جديدة وتقربي من ربنا، يا جدو ربنا خلقنا عشان نعبده ونحبه هو وبس، ونعمل كل حاجة عشان ننول رضاه،
عشان يرضى عنّا وننول جنته، عظّمي اللّٰه في قلبك وادعِ إنه يرزقك حبه، حبه هو وبس، وقولي الدعاء ده دائمًا، اللهم املأ قلبي محبةً لك وإقبالًا عليك وحياءً منك، اللهم أشغل قلبي بِحبك ولساني بذكرك وبدني بطاعتك وعقلي بالتفكر في خلقك والتفقه في دينك، واذكري اللَّه كثيرًا واستغفري وتوبي للّٰه هو قادر يمسح على قلبك ويجبره.
ولما ربنا يريد ويرزقك الزوج الصالح اللي تحبيه ويحبك هيرزقك، مينفعش تطلبي السعادة لقلبك بمعصية ربنا وعايزة ربنا يبارك، اللي بيبدأ بغلط لازم ينتهي بغلط، يا جدو أنا واللّٰه حاسس بيكِ وعارف إنك تعبانة وحزينة بس قلبك ميستاهلش تعملي فيه كده قلبك غالي لازم تحافظي عليه مينفعش ترهقيه وتستنزفي روحك وكل جوارحك في حب حرام غير شرعي بيضرك أكتر ما بينفعك، أنا عارف إنك تعبانة وحزينة لكن ابشري كل حاجة بتبدأ صغيرة وبعدين بتزيد، إلا الحزن بيبدأ كبير وكل يوم بيقل ويفضل يقل لحد ما بينتهي ويسيب ندبة صغيرة جوانا معلمة فينا عشان نفتكر الدرس اللي اتعلمناه، كل ده هيعدي واللّٰه وهتنسي وبكرة تضحكي وتقولي لنفسك أنا أزاي كنت عبيطة كده وعايزة أفرط في روحي عشان حاجة متساهلش، وبعدين أنا حفيدتي شجاعة وقوية ولا إيه؟
- لأ لازم تعرفي، أنا حفيدتي شجاعة وقوية وجميلة وقلبها نضيف وعشان هي فيها كل الحاجات الحلوة دي هتحفاظ على قلبها للإنسان اللي يستاهله وهتقرب من ربنا وهتعوض اللي فاتها، وأنا معاكِ وجنبك لو حبيتي تتكلمي أو تأخدي رأيي في أي حاجة أنا موجود مش عايزك تخافي مني، احنا أصدقاء صح؟
- أيوه يا جدو حضرتك صديقي وحبيبي ربنا ميحرمني منك، يارتني كنت اتكلمت معاك من زمان♡
- احنا لسه فيها، مش عايزك تخبي أي حاجة عني يا حبيبة جدو، ماشي اتفقنا؟
- اتفقنا
- يلا كملي قراءة، مش بتعرفي تقولي الغُنّة صح على فكرة وشكلي هجيب عصاية
- إيه ده لا واللّٰه بعرف من غير عصاية يا جدو
- طب قولي ورايا بقى، بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
- بسم اللّٰه الرحمن الرحيم..
- "فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا"
.
.
.
Kommentare
Kommentar veröffentlichen